السريان هم أقدم الطوائف المسيحية، كانوا يسمون بالآراميين، نسبة إلى آرام الابن الخامس لسام بن نوح الجد الأعلى لجميع الشعوب السامية، ومصطلح السريان أطلقه المؤرخون اليونانيون على الآراميين، بعد أن تركوا عبادة الأوثان، واعتنقوا الديانة المسيحية في القرن الأول والثاني للميلاد.
انطلق الآراميون من الصحراء السورية حوالي 2300 ق.م إلى أعالي مابين النهرين، استقروا في البداية في حران، وأسسوا عدة ممالك مستقلة غير موحدة بين القرنيين 11-10 ق .م، وقد دخلت تلك الممالك في صراع مرير مع الأشوريين وغيرهم من الشعوب المجاورة كالحيثيين في شمال وداخل سوريا والكنعانيين على الساحل السوري، وأيضا في وقت متأخر مع العبرانيين، إلا أن الأشوريين هم من تمكن في النهاية من القضاء على معظم النفوذ السياسي للآراميين سنة 710 ق .م، وبالرغم من الانتصار العسكري للآشوريين على الآراميين إلا أن النفوذ الثقافي والحضاري للآراميين ظل قويا هناك، وخصوصا في الممالك التي بقيت حية بيد الآراميين ولعبت دورا كبيرا قبيل سقوطها في القرن الثاني والثالث بعد الميلاد مثل مملكة الرها " تركيا", مملكة تدمر "سوريا", مملكة الحظر "العراق", ومملكة الأنباط "الأردن".
وكانت هذه الممالك الآرامية مختلفة عن بعضها البعض في حجمها وقوتها وسلطتها ونفوذها، إلا أن ضعف الآراميين يكمن في أنهم لم يؤسسوا دولة موحدة كبيرة تحت قيادة ملك أو حاكم واحد قوي، لذلك كانت هذه الممالك سهلة السقوط بيد الغزاة والطامعين.
انتشر الآراميون بشكل أساسي في دول بلاد الشام (سوريا، لبنان، فلسطين والأردن) والعراق والهند، إضافة إلى عدد من الدول الأخرى، وبحسب المصادر المسيحية فإن السريان هم أول شعب وثني اعتنق المسيحية منذ السنوات الأولى لظهورها.
وتقول بعض المصادر المسيحية بأن السريان تخلوا عن اسمهم القديم "الآراميين"، لأنه كان يذكّرهم بوثنيتهم، وصارت اللغة الآرامية تعرف بـ "اللغة السريانية"، وما زال بعض سكان قرى سوريا وشمال العراق يتحدثون هذه اللغة إلى اليوم.
ويطلق البعض على السريان أسم "اليعاقبة" نسبة إلى يعقوب البرادعي، أحد أنشط دعاة النصرانية في أواسط القرن السادس الميلادي. ولكن، على الرغم من تعظيم السريان ليعقوب البرادعي واعتباره قدّيساً، والاعتراف بجهده في تثبيت دعائم عقيدتهم، إلا أنهم يرفضون تسميتهم باليعاقبة، لأنهم يعتبرون عقيدتهم أقدم من يعقوب، وأن انتسابهم إليه إنكار لعلاقتهم بمن سبقوه من الآباء والقديسين.
عرفت كنيسة السريان باسم "الكنيسة السريانية الأرثوذكسية"، إلى أن اعتنق مجموعة من السريان الأرثوذكس المذهب الكاثوليكي بفعل التبشير، وصاروا يتبعون بابا روما، ومن هنا نشأت كنيسة جديدة، هي "كنيسة السريان الكاثوليك" أو "بطريركية أنطاكيا للسريان الكاثوليك".
عدد السريان
لا تتوفر إحصائيا دقيقة لأعداد السريان، لكن ثمة تقديرات تفيد بأن عددهم في الدول العربية (سوريا ولبنان والعراق وفلسطين) يناهز الـ 250 ألف سريانيا. 60% منهم يتبعون المذهب الأرثوذكسي، و40% من الكاثوليك.
أما في فلسطين فيعتبر السريان ثالث طائفة من حيث العدد بعد الروم واللاتين حيث يمثلون 10% من مسيحيي الديار المقدسة، فهناك 300 عائلة في القدس و 500 عائلة في بيت لحم، ويربو عددهم جميعا عن 4000 نسمة، حسب إحصاء رسمي مسيحي.