يعود تاريخ وجود التركمان في العراق إلى القرن الـ 7 الميلادي في عصر الأمويين في خلافة عبيد الله بن زياد الذي جنّد فرسان الترك المسلمين لفتح البصرة في العراق. وبعد فتحها، استقر هناك بعض جنود الأتراك وتزاوجوا مع العامة، وكذلك هاجروا إلى بغداد لأهميته التجارية في ذلك الزمن.
وبعد صعود العباسيين إلى الخلافة في قرن الـ 8 الميلادي، جُنِّد كثير من فرسان أوغوز التركية في صفوف جيش المسلمين بالعراق، مما أدى إلى استقرار الأتراك أكثر في مناطق شتى بعد الفتوحات الذي ساهموا بشكل كبير فيه. ثم نرى هجرة كبيرة للأتراك إلى العراق عام 1055، عندما كُلِّف السلجوقيون من قبل الخليفة العباسي (القائم بأمر الله) لفتح بغداد. استطاع توغرل بيك –فارس السلجوق وقائدهم–تحرير بغداد باستخدام جنود الأتراك الذين سكنوا مناطق عراقية شتى على طول طريقهم نحو بغداد، وخصوصًا تلعفر، ومندلي، وأربيل، وكركوك.
وأخيرًا يمكن لأغلب المؤرخين أن يأكدوا بأن أغلبية التركمان في العراق يعود أصلهم إلى الدولة العثمانية. بروز العثمانيين في القرن الـ 14 الميلادي كدولة إسلامية كان له تأثير عظيم على العراق. ويرجع اسم العثمانيين إلى سلطان العثمان الأول (عثمان الغازي أو عثمان بيك، الاسم كامل عثمان بن أرطغول. 1258-1326م) مؤسس الدولة العثمانية وليس له أي علاقة بخليفة عثمان بن عفان (رضي الله عنه).
حدثت معارك إسلامية عديدة بين العثمانيين والصفويين في العراق (وهذه المعارك هي التي رسمت حدود العراق مع إيران اليوم). حيث كان العراق تارة بيد سلاطين العثمانية وتارة أخرى بيد شياه الصفويين (ويفسر هذا بشكل جزئي بسبب وجود السنّة والشيعة معًا في العراق). في عام 1534، اتخذ العثمانيون الأتراك تحت قيادة سليمان العظيم مدينة موصل ولاية الرئيسية لهم في العراق، مما أدى إلى هجرة الأتراك العثمانيين إلى شمال العراق والاستقرار فيه. تلاه فتح مدينة كركوك التي كانت تُسمى آنذاك بـ «كوكيورت» ومجيء الأتراك أيضًا لاستيطانه، وهذه الهجرات تفسر وجود التركمان في كركوك وموصل.
وفي عام 1638، فتح سلطان مراد الرابع مدينة بغداد واتجه إلى كربلاء لمقاتلة الصفويين الذين كانوا تحت إمرة شاه عباس العظيم. استطاع العثمانيون السيطرة على تلك المدن بعد عام 1639، وهو العام الذي عُقدت فيه معاهدة زهاب بينهم وبين الصفويين، وأدى هذا إلى هجرة الأتراك بشكل كبيرة إلى بغداد وكوفة للعيش فيه. كان هناك العديد من القضاة والإداريين والجنود والتجار ورجال الدين الأتراك الذين عُينوا على محافظات العراق، فاتخذ الأتراك منزلاً لهم هناك، وعملوا فيه، وتزاوجوا مع عامة الناس. امتزج عندها التركمانيون مع أهالي العراق في اجتماعياتهم وفي سياستهم ودينهم، وشاركوهم في أفراحهم وأحزانهم على مدى سنوات، وحاربوا كل من عادى العراق والإسلام، فأصبح المستقر فيه جزءًا لا يتجزأ من العراق وسيادته.
يمكن القول بثقة إن الدولة العثمانية كانت من أعظم الدول الإسلامية وأكثرها صمودًا بوجه المحن وبوجه التغيرات والتطورات التي فُرضت على الخلافات الإسلامية. حيث بقيت صامدة لأكثر من 700 عام، حتى عام 1923، بدأت فيه الدولة العثمانية بالسقوط والتدهور من داخله. تغيّر النظام التركي في هذا العام من السلطنة إلى الجمهورية وتحددت فيه خارطته الخاصة. ترك هذا التغيير العراقيين التركمانيين الذين استقروا لقرون في العراق وحيدين في أراضي شمال ووسط العراق. فانتشر التركمان في مناطق عديدة من العراق، وامتزجوا بشكل أكثر مع عرب وأكراد في تلك المدن المستقرة.